كل هذه الأمور ستسمح بتحويل4 ملايين هكتار من الأراضي الجرداء إلي أراض صالحة للزراعة وذلك بمد مياه النيل إليها ضمن مشروع صحاري المياه

 

كم  كان فنار الإسكندرية– أحد عجائب الدنيا السبع – مبهراً كأول مركز تجاري في زمانه يعادل مركز التجارة العالمي بمفهومنا الحديث والذي ميز هونج كونج وسنغافورة وجعل منهما صروحاً اقتصادية بهرت العالم.

فقد كان فنار الإسكندرية بتصميمه المعماري الفريد أول منارة في العالم أقيم فوق كتلة صخرية في الموقع الحالي لقلعة قايتباي بناه المعماري الاغريقي سوستراتوس في عهد العبقري بطليموس الأول وامتد زمن بنائه لعصر بطليموس الثاني بارتفاع بلغ 150 متراً فوق سطح البحر به حوالي300غرفة, قامت فكرة هذا البناء الفريد علي أن بإمكان قباطنة السفن وأصحابها المقايضة علي بضائعهم بمعني استبدالها ببضائع أخري, وبذا يتركون بضائعهم بالإسكندرية ويحملون بضائع أخري يبحرون بها إلي موانئ جديدة وبذا يوفرون علي أنفسهم الفترات الطويلة للبقاء في الميناء انتظاراً لبيع بضائعهم واقتضاء ثمنها حيث كان البديل الآخر لا يخلو من المخاطر ألا وهو تركها عند التجار بالأقاليم والعودة إلي اقتضاء الثمن في رحلة العودة فقامت الفكرة علي إيداع تلك البضائع للعرض أو المقايضة داخل مئات الغرف التي احتواها الفنار والتي سمحت بتلك المقايضة تحت الحماية الكاملة لسلطة الدولة,وبذا صارت الإسكندرية قوة جذب عالمي ومقصداً رئيسياً للسفن القادمة من بحار العالم السبع.

وإذا نظرنا إلي الملامح الرئيسية لمحور قناة السويس الجديد لنا أن نري ازدواجية في المرور بالقناة لمسافة 46 كيلو مترا وهو الأمر الذي سيرفع من عائدات القناة ويقصر من زمن المرور بصورة ملموسة,كما أن تعميق القناة سيصل إلي عمق مستهدف مقداره 65 قدماً بعد أن بقي لسنوات طويلة في حدود 45 قدماً,الأمر الذي سيسمح بمرور سفن عملاقة لم يكن متاحاً لها الاستفادة من قناة السويس بالكامل وكذا إقامة أربع موانئ وما يصاحبها من مناطق لوجيستية فضلاً عن 2مطار و6 أنفاق تربط شرق القناة بغربها وإتاحة ما يقرب من 16 ألف هكتار مناطق صناعية و3500 هكتار تمثل وادياً جديداً للتكنولوجيا بالإضافة إلي77 ألف هكتار لتصنيع الأسماك وتسويقها داخلياً وخارجياً.

كل هذه الأمور ستسمح بتحويل4 ملايين هكتار من الأراضي الجرداء إلي أراض صالحة للزراعة وذلك بمد مياه النيل إليها ضمن مشروع صحاري المياه الذي تم تنفيذ90% منه في عصر سابق وتعطل استكماله لأسباب لم يفصح عنها.

وقبل أن نستفيض في المزايا الاقتصادية المنظور منها علي المدي القصير والمتوقع منها علي المدي المتوسط والبعيد,فلنا أن نسلط الضوء علي بعض الأمور الإستراتيجية حتي لا تخطؤها العين في خضم التفاصيل الكثيرة التي يزخر بها المشروع.

بادئ ذي بدء فإن مصر الحضارة الممتدة بحضارتها عبر آلاف السنين استطاعت اليوم وهي وسط أحداث مؤسفة أودت بدول شمالاً وجنوباً,شرقاً وغرباً وألقت بها في آتون الإرهاب والعنف المضاد والذي طمس معه ملامح الدولة بالمفهوم المتعارف عليه. وبينما بدا العالم أن مصر قد باتت مستهدفة بالإرهاب الأسود في سيناء وغير سيناء أيضاً إلا أن النظرة العبقرية التي دعت بطليموس الأول آنذاك أن يصنع من الإسكندرية مركزاً للتجارة العالمية ألهم مصر اليوم أن تنشئ محورها الجديد بقناة السويس مغلبة التفاؤل علي التشاؤم الذي خيم بظلاله علي المنطقة فانتهت من إنشاء هذا المحور في زمن قياسي معتمدة علي اقتصادها حتي تحرر هذا المحور من أي شراكة أجنبية وذلك بتمويل مصري أدهش العالم.

كما أن لهذا المشروع العملاق مستهدفه الهام في أنه يعتبر تجمع مصالح لجميع دول العالم خاصة تلك ذات الأساطيل البحرية وذات الباع المتميز في التجارة العالمية ليصبحوا شركاء معنا في تجمع للمصالح الماثلة علي ضفة القناة والآخذة في التنامي بصورة مطردة,وبذا يصبح أمن مصر جزءاً لا يتجزأ من أمن العالم الحر,وفي تهديده تهديد مباشر لمصالحها..ولحديثنا بقية